اعتقد اننا كلنا متفقين على أهمية فصل الدين عن الدولة، ولكن يبدو لي أن هناك أوقات صعبة حين تصبح السياسة أداة لاستغلال الانسان لمصلحة فئة قليلة من الحكام ومن حولهم، فتهدر كرامة الانسان، لا سيما الفقير الذي لا يستطيع حماية ذاته امام بطش الاقوياء. هنا اعتقد انه على كل الاديان التي تؤمن بكرامة الانسان و بحريته ومكانته الخاصة عند الله الخالق، أن تساعد المجتمع على اعادة النظر في نظرته تجاه الإنسان
اتى يسوع ليبشر الناس بالسعادة
أراد يسوع أن يجد المرضى والمهمشين و المتروكين مكانهم من جديد في الجماعة وأن يجد الإنسان ذاته ويشعر بقيمته و كرامته
لذلك فالكنيسة أيضا من خلال معرفتها العميقة بشخص يسوع تستطيع أن تساعد من أجل العمل على حرية أكبر وكرامة اكبر للانسان بغض النظر عن دينه أو انتماءته. ان الكنيسة في تلك اللحظات الحرجة تريد أن تعلن الحقيقة، حقيقة ان الانسان خلق على صورة الله وانه ثمين ويستحق حياة أفضل
ان اهتمام الكنيسة بالانسان ليس شيئا ثانويا، فالكنيسة في عمق ايمانها ورسالتها تكمل رسالة المسيح: أتيت ليكون لهم الحياة وليكون لهم افضل
ان الانسان وحريته وكرامته ، هم في قلب ايمان الكنيسة ورسالتها
وفي دفاعها عن الحقيقة و عن كرامة الانسان، قد تجد الكنيسة نفسها في مواجهة مع السلطات السياسية الدكتاتورية التي لا تهتم في المركز الأول بالانسان و قضاياه، بل بالحفاظ على السلطة لنفسها ولو على حساب الانسان، بل و على حساب كرامة الوطن نفسه
وقد يزداد الوضع تعقيدا خاصة اذا كان المسيحيون في ذلك البلد أقلية، لا تتمتع بكافة حقوقها وحرياتها
فيتعقد وضع الكنيسة اكثر و اكثر، فمن ناحية، هي تريد خير ابناءها من خلال الحفاظ على علاقات طيبة مع النظام السلطوي، و من ناحية اخرى فهي "الكنيسة" تريد أن تبحث عن الحقيقة
في هذا الظرف الصعب، على الكنيسة ان تختار بين الاهتمام بابناءها المسيحيين1 وذلك من خلال الاستمرار في علاقات طيبة مع نظام سياسي هي تعرف أكثر من الجميع مساوءه، خاصة فيما يتعلق بحقوق الانسان وكرامته، و بين أن تختار الكنيسة الاهتمام بالخير العام، أي أن تختار مصلحة الوطن و كل فرد فيه سواء كان مسيحيا او غير مسيحيا
تعلم الكنيسة انه باختيارها الخير العام قد تخسر بعض المكاسب التي يقدمها لها النظام الحاكم2 و لكنها تدرك في الوقت ذاته أهمية شهادتها للحق وأهمية دورها في الدفاع عن الانسان
هذا الموقف الحساس و الدقيق يدعونا أن نصلي من أجل الكنيسة و أن نفكر معها وأن نساعدها نحن ابناءها على قراءة ما يحدث من حولنا وان تكتشف و تميز رسالتها العميقة في هذا الوقت و في هذا الوضع الحساس اليوم. لذا نفكر معا في بعض الاسئلة التي قد تساعدنا نحو خدمة اكبر ومحبة أكبر للكنيسة و للانسان و للوطن انطلاقا من محبتنا للكنيسة، وو عينا بقيمة الانسان، و توقنا نحو وطن أفضل
هل علاقة الكنيسة بالحكومة حالياَ هي علاقة سليمة من خلال نظرة إنسانية ولاهوتية مسيحية؟
هل رسالة ومسؤلية الكنيسة ينبغبي أن تكون نحو الأقباط فقط أم هي أولاَ رسالة لأجل الإنسان؟
ماذا جنت الكنيسة من خلال مواقفها الداعمة للحكومة المصرية على مدار الأعوام الماضية؟
هل الخوف من وصول تيارات أصولية متطرفة إلى حكم يبرر تجنب آي محاولة للأصلاح والتغيير؟
ما هو الموقف الذي ترى أنه ينبغي على الكنيسة أن تتبناه؟
-------------------------------------------
1 تعلم الكنيسة ان هذه الضمانة هي غير حقيقية و غير دائمة، خاصة اذا تعارضت مصالح النظام الدكتاتوري مع مصالح ابناء الكنيسة
No comments:
Post a Comment