حملت معها حقائب من تذكارات وضحكات ودموع وأوراق الخريف، واتجهت صوب الغد، مثل راية من رايات الحرب قررت آلا ترجع أبداً إلى الوراء. وفي الجهة الآخرى من البحر، جلست تحت شجرة صنوبر ورفعت رأسها فلم ترى إلا البحر في الأفق البعيد، وهبت ريح خفيفة فحملت معها رائحة البحر وخصلات من شعرها الأسود الطويل وذكريات من زمن ليس ببعيد ولكنه بدا في تلك اللحظة كآلاف السنين. شعرت برعشة تنتاب جسدها النحيف، ثم فتحت يدها ببطء فكشفت عن قطعة ذهبية على هيئة شمس صغيرة، لمعت بين يديها، ولمعت معها عيناها كما تلمع مصابيح الطرقات عندما يعانقها المطر
دخل زياد إلى المكتب، وابتسامة خجولة ترقص على شفتيه العريضتين وترقص معها الورود الملونة التي تزين قميصه. كان له عينان ملونتان بلون البحر بالرغم من ملامحه الشرقية، وكانا أشبه ببئرين عميقين لا تنضب مياههما. كان زياد شاباً في الثلاثينات من عمره، قوي البنية، طويلاً، بسيطاً ولكنه كان مضيئاً كأول ضوء حين يولد من قلب الليل. كان خجولاً وثائراً في الوقت ذاته، مزيجاً من صمت الشرق، وتمرد الغرب. يحلم بحياة لاتعني بدقات الساعات ولا بمرض الطاعة. حياة، حيث تستطيع أن ترقص روحه متعانقة مع أفكار قلبه الدفينة. كان مبتسماً ولكنه كان أيضاً مطرزاً بالجروح. بعض أصدقائه كانوا يرونه غريب الأطوار، أما هو فكان يرى الحياة غريبة الأطوار وقاسية، ولكنه لم يفقد أبداً تلك الضحكة التي كانت تزيد من التجاعيد عند طرفي عينيه
أما فرح فكانت ريحاً خفيفة ونسيماً، سمراء، نحيفة، في نهاية العقد الثاني من عمرها. في تلك الفترة كانت تشعر بالوحدة. في أحد الأيام أخبرت إحدى صديقاتها إنها أصبحت بقايا إنسان جميل! كانت فرحة لمن لا يعرف الفرح، وضحكة لم يضحكها أحد، ولكن جرحاً عميقاً هزّ أعماقها بشدة وأجل ضحكتها إلى حين
إنني أفتش عن عمل... قال زياد في خجل. أما هي فلم تجاوبه ولم تنبس بكلمة. شعرت في تلك اللحظة أنها تعرفه من قبل أن تولد، وأن ثمة ما يجعلها مرتبكة أمام عينيه. لم تستطع يوماً أن تصف ذلك اللقاء الأول. حاولت كثيراً ولكن من دون جدوى
مضت الأيام مسرعة، وذات يوم دخل إلى المكتب ثائراً بسبب مشكلة بالعمل، أخذ يدور بالمكان قبل أن يتوجه إليها صارخاً "لا أحد يهتم بالآخرين، يجب أن يحمل كل شخص همومه وحده، أليس هذا صحيحاً؟" فجاوبته في هدوء "لا، يمكننا أن نحمل أحمالنا سويا"!! صدمته إجابتها، اعتقد إنها ستجاريه في الحديث وستلعن معه الآخر والآخرين ولكن كلماتها هدأت من روعه، فنظر في عينيها وقال في قلبه.. لتحيا الحياة
خرجا لأول مرة بمفردهما، بكى كثيراً، أخبرها انه في الماضي كان عندما يضحك، يضحك الهواء من حوله. أحبته أكثر من أي شيء. عادت إلى البيت وهي تتمتم...
حبيتك متل ما حدا حب
ولا بيوم راح بيحب
عادت إلى البيت، تسابق سعادتها... أدركت أن السماء ستضحك لها من جديد، ونسيت أن حياتنا مزيج من بعض ضحكاتنا وبعض دموعنا!!
دخل زياد إلى المكتب، وابتسامة خجولة ترقص على شفتيه العريضتين وترقص معها الورود الملونة التي تزين قميصه. كان له عينان ملونتان بلون البحر بالرغم من ملامحه الشرقية، وكانا أشبه ببئرين عميقين لا تنضب مياههما. كان زياد شاباً في الثلاثينات من عمره، قوي البنية، طويلاً، بسيطاً ولكنه كان مضيئاً كأول ضوء حين يولد من قلب الليل. كان خجولاً وثائراً في الوقت ذاته، مزيجاً من صمت الشرق، وتمرد الغرب. يحلم بحياة لاتعني بدقات الساعات ولا بمرض الطاعة. حياة، حيث تستطيع أن ترقص روحه متعانقة مع أفكار قلبه الدفينة. كان مبتسماً ولكنه كان أيضاً مطرزاً بالجروح. بعض أصدقائه كانوا يرونه غريب الأطوار، أما هو فكان يرى الحياة غريبة الأطوار وقاسية، ولكنه لم يفقد أبداً تلك الضحكة التي كانت تزيد من التجاعيد عند طرفي عينيه
أما فرح فكانت ريحاً خفيفة ونسيماً، سمراء، نحيفة، في نهاية العقد الثاني من عمرها. في تلك الفترة كانت تشعر بالوحدة. في أحد الأيام أخبرت إحدى صديقاتها إنها أصبحت بقايا إنسان جميل! كانت فرحة لمن لا يعرف الفرح، وضحكة لم يضحكها أحد، ولكن جرحاً عميقاً هزّ أعماقها بشدة وأجل ضحكتها إلى حين
إنني أفتش عن عمل... قال زياد في خجل. أما هي فلم تجاوبه ولم تنبس بكلمة. شعرت في تلك اللحظة أنها تعرفه من قبل أن تولد، وأن ثمة ما يجعلها مرتبكة أمام عينيه. لم تستطع يوماً أن تصف ذلك اللقاء الأول. حاولت كثيراً ولكن من دون جدوى
مضت الأيام مسرعة، وذات يوم دخل إلى المكتب ثائراً بسبب مشكلة بالعمل، أخذ يدور بالمكان قبل أن يتوجه إليها صارخاً "لا أحد يهتم بالآخرين، يجب أن يحمل كل شخص همومه وحده، أليس هذا صحيحاً؟" فجاوبته في هدوء "لا، يمكننا أن نحمل أحمالنا سويا"!! صدمته إجابتها، اعتقد إنها ستجاريه في الحديث وستلعن معه الآخر والآخرين ولكن كلماتها هدأت من روعه، فنظر في عينيها وقال في قلبه.. لتحيا الحياة
خرجا لأول مرة بمفردهما، بكى كثيراً، أخبرها انه في الماضي كان عندما يضحك، يضحك الهواء من حوله. أحبته أكثر من أي شيء. عادت إلى البيت وهي تتمتم...
حبيتك متل ما حدا حب
ولا بيوم راح بيحب
عادت إلى البيت، تسابق سعادتها... أدركت أن السماء ستضحك لها من جديد، ونسيت أن حياتنا مزيج من بعض ضحكاتنا وبعض دموعنا!!